ماركو بولو التاجر والمستكشف الذي كشف أسرار الشرق للعالم
ماركو بولو التاجر والمستكشف الذي كشف أسرار الشرق للعالم

ماركو بولو التاجر والمستكشف الذي كشف أسرار الشرق للعالم

ماركو بولو (1254-1324) هو تاجر ومستكشف إيطالي شهير، معروف بكتابه "رحلة ماركو بولو" الذي يصف رحلته عبر آسيا عبر طريق الحرير.

ماركو بولو (1254-1324) هو تاجر ومستكشف إيطالي شهير، معروف بكتابه "رحلة ماركو بولو" الذي يصف رحلته عبر آسيا عبر طريق الحرير.

Contents
ماركو بولو التاجر والمستكشف الذي كشف أسرار الشرق للعالم

ماركو بولو التاجر والمستكشف الذي كشف أسرار الشرق للعالم

ماركو بولو والرحلة التي غيّرت نظرتنا للعالم

في القرن الثالث عشر، انطلق شابٌ مغامر من مدينة البندقية في رحلة استثنائية ستجعله أحد أعظم المستكشفين في التاريخ. لم يكن ماركو بولو مجرّد تاجر عادي، بل كان رائد استكشاف واجه مجاهيل آسيا وكشف عن ثقافات وحضارات كانت مجهولة تماماً للأوروبيين في زمانه.

رحلته الملحمية عبر طريق الحرير ودوره في كشف غموض الشرق جعلت من كتابه “رحلات ماركو بولو” واحداً من أكثر الكتب تأثيراً في تاريخ الاستكشاف الجغرافي. اليوم، وبعد أكثر من 700 عام على رحلته، لا يزال إرث ماركو بولو حياً، يثير فضولنا ويذكرنا بشجاعة الإنسان في سعيه لاكتشاف العالم المجهول.

حياة ماركو بولو: من عائلة تجارية إلى مستكشف عالمي

ولادته وخلفيته العائلية

ولد ماركو بولو عام 1254 في مدينة البندقية، حيث تُعد عائلته من العائلات التجارية البارزة. كانت عائلة بولو تُعتبر من أبرز العائلات التجارية في البندقية، حيث أُسست عائلة بولو على أساس تجارة واسعة النطاق.

كان والده نيكولو بولو وعميه مافيو ونيكولو، تجارًا بارزين في البحر الأبيض المتوسط، وشاركوا في رحلات تجارية عبر البحر الأسود والشرق الأوسط.

العائلة التجارية: تأسيس “الشركة البينية”

كانت عائلة بولو تُدير عمل تجاري مُنظم يُسمى “الشركة البينية” (Fraterna Compagnia)، وهي تعاون تجاري يضم أفرادًا من العائلة في أوقات مختلفة. بدأت الشركة مع الثلاثة كبار العائلة (نيكولو، مافيو، ونيكولو)، ثم امتدت لتشمل الجيل التالي مع ماركو بولو.

في عام 1310، أُبرم اتفاق خاص بين مافيو الكبير وابنيه مافيو الصغير وماركو بولو، حيث اتفقوا على تقسيم العائدات والMutableات التجارية إلى ثلاثة أجزاء متساوية.

تأثير العائلة وتشكيل المسار

كان لوالد ماركو وعمه دور محوري في تشكيل مساره المستقبلي. فقبل ولادة ماركو، انطلق والده وعمه في رحلة تجارية استبقتوا خلالها التغيرات السياسية في القسطنطينية (التي كانت عاصمة الإمبراطورية اللاتينية)، حيث قاموا بتحويل أصولهم إلى مجوهرات وانتقلوا شرقاً. وفقاً لكتاب “رحلات ماركو بولو”، اجتازوا الكثير من آسيا، والتقوا بكوبلاي خان، الحاكم المغولي ومؤسس أسرة يوان.

الرحلة الأسطورية إلى آسيا

الانطلاق نحو المجهول

في عام 1271، عندما كان ماركو في السابعة عشرة من عمره، انطلق مع والده وعمه نحو آسيا في سلسلة من المغامرات التي دونها لاحقاً في كتابه. سافروا إلى عكا ثم ركبوا الجمال إلى ميناء هرمز الفارسي. خلال المراحل الأولى من الرحلة، مكثوا بضعة أشهر في عكا وتحدثوا مع رئيس الشمامسة تيدالدو فيسكونتي من بياشينزا.

اللقاء المصيري مع كوبلاي خان

وصلوا براً حتى وصلوا إلى قصر كوبلاي خان في شانغدو، الصين (المعروفة آنذاك باسم كاثاي). كان عمر ماركو آنذاك 21 عاماً. أعجب خان بذكاء ماركو وتواضعه، فعينه ليكون مبعوثه الخارجي إلى الهند وميانمار.

تم إرساله في بعثات دبلوماسية عديدة عبر الإمبراطورية وفي جنوب شرق آسيا (مثل إندونيسيا وسريلانكا وفيتنام حالياً)، كما أمتع الخان بقصص وملاحظات عن الأراضي التي رآها.

اكتشافات ماركو بولو المثيرة أشياء لم تكن معروفة في أوروبا

اكتشاف التماسيح في مقاطعة يونان: وصف دقيق لحيوان غريب

في رحلاته عبر الصين، وصل ماركو بولو إلى مقاطعة يونان (Yunnan Province)، حيث اكتشف تماسيحًا لم تكن معروفة في أوروبا. وصف التماسيح في كتابه “رحلة ماركو بولو” على أنها “أفاعي” تختلف عن الأفاعي التي كانت معروفة في أوروبا، وذكر أن السكان المحليين كانوا يصطادونها لاستخراج المرارة، التي كانت تُستخدم في الطب.

كيف كان يُصطاد التماسيح؟

  • وضعوا مقصًا حادًا في ممرات التماسيح.
  • عندما يمر التمساح، يصيبه المقص ويقتلها.
  • ينتظر السكان حتى يحلق الطيور فوقه ليعرفوا أنه ميت.
  • يُستخدم المرارة في الطب لتخفيف آلام الولادة، وعلاج لدغات الكلاب المسعورة، وعلاج الكتل والنموات.

التحديات العلمية لوصف التماسيح:

لم يكن التماسيح معروفة في أوروبا في ذلك الوقت، لذا كان وصف ماركو بولو مثيرًا للجدل. بعض العلماء يشككون في أن ماركو بولو قد وصف تماسيحًا، أو ربما أخطأ في وصفه لحيوانات خيالية مثل التنين الصيني. ومع ذلك، فإن الوصف دقيق بما يكفي ليعتقد أن ماركو بولو رأى تماسيحًا فعلاً.

اكتشاف العملة الورقية: ثورة في التجارة

في مدينة خانباليق (التي تُعرف اليوم ببكين)، اكتشف ماركو بولو نظام العملة الورقية الذي كان مُستخدمًا في الإمبراطورية المغولية. كانت هذه العملة مصنوعة من قشور شجرة التوت، وكانت تُسمى “العملة الورقية” في ذلك الوقت.

كيف كانت تُصنع العملة الورقية؟

  • تم استخراج القشور الناعمة من قشور شجرة التوت.
  • تم طحنها وضغطها مع الغراء.
  • تم وضع ختم الخان على الورق.
  • كانت العملة الورقية تُعتبر مُتاحة بقيم مختلفة، من أصغرها (التي تساوي نصف عملة فضية صغيرة) إلى أكبرها (التي تساوي 10 قطع ذهبية).

لماذا كانت هذه العملة مثيرة للاهتمام؟

كانت هذه العملة تُعتبر ثورة في التجارة، حيث سمح للتجار بحمل كميات كبيرة من العملة دون الحاجة إلى حمل أطنان من العملات المعدنية. ماركو بولو أشار إلى أن أصغر ورقة عملة كانت تساوي نصف عملة فضية صغيرة، بينما كانت أكبر ورقة تساوي 10 قطع ذهبية، أي حوالي 90 مرة قيمة العملة الفضية.

خدمة البريد السريع: نظام فعّال في الإمبراطورية المغولية

خدمة البريد السريع نظام فعّال في الإمبراطورية المغولية
خدمة البريد السريع: نظام فعّال في الإمبراطورية المغولية

أعجب ماركو بولو بشكل خاص بخدمة البريد السريع التي كانت تُدار في الإمبراطورية المغولية. كان هذا النظام يعتمد على:

  • الخيول البريدية: حيث كان الرسل يركبون خيولًا مُخصصة للسفر على طول الطرق الرئيسية، ويُغيرون الخيول كل 25 ميلًا.
  • المرشدين الركض: كان هناك مرشدين يركضون كل 3 أميال، يحملون الرسائل إلى المرشدين التاليين.
  • العلامات الصوتية: كان المرشدون يرتدون أحزمة كبيرة مزينة بأجراس، مما سمح للمستلمين بسماعهم قبل رؤيتهم.

أمثلة على كفاءة النظام:

  • تمكّن نظام البريد السريع من نقل الفواكه من مدينة إلى أخرى في غضون يوم واحد، رغم أن المسافة كانت تصل إلى 10 أيام سير.
  • في موسم الفاكهة، كان الفاكهة المُحصودة في الصباح في مدينة هانغتشاو تُرسل إلى خانغشان (العاصمة الصيفية) في نفس المساء، رغم أن المسافة تبلغ 10 أيام سير.

اكتشاف التوابل: رحلة لتجربة النكهات الشرقية

في رحلاته، اكتشف ماركو بولو كميات هائلة من التوابل، والتي كانت تُعتبر مجهولة في أوروبا في ذلك الوقت. تضمنت هذه التوابل:

  • الفلفل: حيث كان يتم استيراد 10,000 رطل من الفلفل إلى مدينة هانغتشاو (التي تُعرف اليوم بHangzhou) كل يوم.
  • القرفة واليانسون: تُعتبر من التوابل المُستخدمة في المطبخ الهندي.
  • النعناع والكزبرة: تُستخدم بكثرة في المطبخ الصيني.

تأثير هذه التوابل على التجارة الأوروبية:

أدى اكتشاف هذه التوابل إلى تحفيز تجار أوروبا على اكتشاف طرق تجارية جديدة إلى الشرق الأقصى، مما أدى إلى تكوين مفهوم “جزر التوابل” (مما أدى إلى اكتشاف جزر مالوكو في إندونيسيا).

عادات الزواج المثيرة: تجارب ثقافية فريدة

في رحلاته، اكتشف ماركو بولو عادات زوجية فريدة في مناطق مختلفة من آسيا:

  • في مقاطعة بيم: كان النساء يختارن أزواجًا حسب رغباتهن، وإذا كان الزوج غائبًا لأكثر من 20 يومًا، يمكن للمرأة أن تختار زوجًا جديدًا.
  • في العادات المغولية: إذا توفي طفل ذكر في مرحلة الطفولة، وتم تأسيس عقد زواج بينه وبين طفل أنثى توفي أيضًا، وتم حرق العقد، حيث يعتقد أن الدخان سيصل إلى الأموات في العالم الآخر.
  • في الصين: ذكر ماركو بولو أن الفقراء في الصين يستخدمون كميات هائلة من الثوم في طعامهم، حتى أن الفقراء الذين كانوا يصطادون التماسيح كانوا يقطعون كبد التماسيح ويلقونه في صلصة ثوم لتحسين النكهة.

العودة إلى البندقية والإرث الدائم

كتاب “رحلة ماركو بولو”: من السجن إلى العالم

عاد ماركو بولو إلى البندقية في 1295، بعد 24 عاماً، مع العديد من الثروات والكنوز. كانوا قد سافروا ما يقرب من 15،000 ميل (24،000 كم). في هذا الوقت، كانت البندقية في حالة حرب مع جمهورية جنوة. انضم ماركو إلى جهود الحرب نيابة عن البندقية وتم أسره من قبل الجنويين.

خلال فترة سجنه، أملى قصص رحلاته إلى روتشيلو دا بيزا، زميل في الزنزانة. هذا الكتاب انتشر قريباً في جميع أنحاء أوروبا في شكل مخطوطة، وأصبح يعرف باسم “رحلات ماركو بولو” (الاسم الإيطالي: Il Milione). يصور رحلات عائلة بولوعبر آسيا، مما منح الأوروبيين أول نظرة شاملة عن الأعمال الداخلية للشرق الأقصى، بما في ذلك الصين والهند واليابان.

التأثير التاريخي والجدل المحيط برحلته

على الرغم من أنه لم يكن أول أوروبي يصل إلى الصين، إلا أن ماركو بولو كان الأول الذي ترك سجلاً مفصلاً عن تجربته. وفر روايته للأوروبيين صورة واضحة عن جغرافيا الشرق والعادات العرقية، وشملت أول سجل غربي للخزف والبارود والنقود الورقية، وبعض النباتات والحيوانات الآسيوية الغريبة.

ألهمت سرديته كريستوفر كولومبوس والعديد من المسافرين الآخرين. هناك أدب كبير يستند إلى كتابات بولوع؛ كما أثر على الخرائط الأوروبية، leading to إطلاق الأطلس الكتالوني وخريطة فرا ماورو.

رؤية ماركو بولو للمجتمعات غير المسيحية

كانت رؤية ماركو بولو للمجتمعات غير المسيحية مثيرة للاهتمام، حيث وصفها بوصف دقيق وبدون تحيز. لم يعتقد أن هذه المجتمعات أقل تطورًا من أوروبا، بل وصفها بوصف دقيق يدل على احترامه لثقافات أخرى. هذا كان مفاجئًا لعصره، حيث كان الأوروبيون يعتقدون أن المسيحية هي أرقى حضارة.

الوفاة والورثة: ثراء ماركو بولو وتأثيره المستمر

توفي ماركو بولو في البندقية عام 1324 عن عمر يناهز 70 عامًا، ترك وراءه ثروة تجارية كبيرة، بما في ذلك:

  • كميات كبيرة من فراء الحيوانات (مثل “العطر العجيب” من الصين والتبت).
  • قطع من السيراميك الصيني.
  • ملابس آسيوية فاخرة.
  • لوح ذهبي كبير يُسمى “بايزا”، الذي كان يُستخدم كرمز للسلطة من قبل ممثلي الخان.

الورثة: كيف استمرت عائلة بولو في التجارة

كانت عائلة بولو تُدير شركة تجارية ناجحة، وعندما توفي ماركو بولو، ورثه ابنه نيكولو، الذي استمر في التجارة. عُرفت عائلة بولو بثروتها وتأثيرها في البندقية، وظلت تُعتبر من العائلات التجارية البارزة في القرن الرابع عشر.

الأسئلة الشائعة حول ماركو بولو

  1. ما هي أهمية رحلات ماركو بولو؟

    رحلات ماركو بولو كانت مهمة لأنها فتحت الأبواب أمام الأوروبيين لفهم العالم الشرقي، وساعدت في تطوير التجارة بين أوروبا والشرق الأقصى. كما أثرت على تطور الثقافة الأوروبية من خلال اكتشاف التوابل والعملة الورقية.

  2. هل كان كتاب “رحلة ماركو بولو” موثوقاً؟

    كان كتاب ماركو بولو موثوقًا إلى حد كبير، لكن بعض العلماء يشككون في بعض التفاصيل. ومع ذلك، يُعتبر الكتاب مرجعًا رئيسيًّا لفهم العالم القديم، خاصة في ما يتعلق بالتجارة والثقافة في الإمبراطورية المغولية.

  3. ما هي أبرز اكتشافات ماركو بولو؟

    أبرز اكتشافات ماركو بولو كانت العملة الورقية، خدمة البريد السريع، التوابل، التماسيح، والعادات الزوجية الفريدة. هذه الاكتشافات غيرت مفهوم التجارة والثقافة في أوروبا.

  4. ما هو تأثير ماركو بولو على تطور التجارة؟

    ساهم ماركو بولو في تطوير التجارة عبر طريق الحرير، وفتح الأبواب أمام التجار الأوروبيين لاستكشاف الشرق الأقصى، مما أدى إلى زيادة التجارة والتفاعل الثقافي. كما أثر على تطور العملة الورقية في أوروبا.

  5. لماذا لم يُصدق الأوروبيون في البداية رحلة ماركو بولو؟

    لم يُصدق الأوروبيون في البداية رحلة ماركو بولو لأن المعلومات التي قدمها كانت غريبة وغامضة بالنسبة لهم، خاصةً أنهم لم يكونوا على علم بالعالم الشرقي. كما أن بعض العادات التي وصفها كانت غريبة جدًا بالنسبة لهم.

  6. ما هي أهمية العملة الورقية التي اكتشفها ماركو بولو؟

    العملة الورقية التي اكتشفها ماركو بولو كانت ثورة في التجارة، حيث سمح للتجار بحمل كميات كبيرة من العملة دون الحاجة إلى حمل أطنان من العملات المعدنية. كما ساعدت في تطوير أنظمة مالية أكثر كفاءة.